الاختيار
عندما تُجبرنا الظروف على الإختيار في الحقيقة لا يوجد إختيار لكن نوهم أنفسنا اننا اخترنا ما أُجبرنا عليه ، ربما كنوع من التهوين على انفسنا حتى و لو بالتمثيل اننا إخترنا لكي يهون ذلك الموقف بشكل ما ، و احيانا نتظاهر اننا اخترنا ما اجبرنا عليه كإنقاذ لماء الوجه امام المحيطين حتى لا نكون في موقف ضعف ، فيكفي شعور الخسارة لا نسطيع تحمل معه شعور الضعف ايضاً .
نُتقن التمثيل حتى يحاول كل المحيطين بك اقناعك بالتراجع عن موقفك " لهذه الدرجة نجحنا في اقناعهم " .
نصل بعدها لمرحلة متطورة الا و هي اننا اقنعنا انفسنا ؛ بالفعل نجد انفسنا مقتنعين اننا اخترنا و لم يتم اجبارنا نرتاح لهذه الفكرة و نتمسك بها و ننسى و نترك الحياة تشغلنا و نذهب معها بدون مقاومة منا .
تستمر الايام و الشهور و ربما السنين و دائما في يوم ما تأتي المواجهة ؛ تأتي في وقت لم نستعد له و لم نتوقعه و لم نتستعد له ، تحدث المواجهة داخلنا و تكون صعبة تتصاعد فيها كل المشاعر الكامنة التي لم يتم اعلانها في وقتها تعيد الحسابات ، تشعر بمرارة كل ما حدث معك ، كيف تم اجبارك ، يستمر الضخب داخلك تريد ان تعلن ما حدث معك ، تعلن انك لم تختار ، تعلن انك لست الفاعل ، و انك فقط المفعول به ، ان فعلك ليس فعل هو فقط رد فعل لما اجبرت عليه ، تريد ان تعلن عن غضبك تريد ان تصرخ و تعترض لكن ذلك لن يحدث فقد فات اوان اعلان الاعتراض ؛ فتسمر تلك المواجهة داخلك دون ان يشعر بها أحد و تلك هي الصعوبة في الموضوع ان تكون في حروب لا يعلم عنها احد شيء لا تجد من يهون عليك او يقف بجانبك
تكمل المواجهة وحيداً وجهأً لوجه امام كل ما تناسيتة تستعيد كل الاحداث ، تمر بذكريات مؤلمة و ذكريات موجعة تكمل حتى النهاية لا تستطيع الهروب هذه المرة لذلك تذهب معها و تعيد تقيم ما حدث لكن هذه المرة يكون التقييم حقيقي و ليس مصطنعه .
تخرج من هذه المواجهة مُنهك القوى مُحمل بمشاعر سلبية و بكمية من الحزن و الالم و لكن الاكيد انك اسقطت كل الاقنعة و تم ايقاف كل المشاعر الزائفة و التظاهر و التمثيل كل شيء تم إيقافه و إسقاطه ، لم يتبقى لديك غير الحقيقة ، الحقيقة فقط .
إرسال تعليق